
يبدو أن وزير الحرب بيت هيغسيث تخرج من مدرسة الرقابة السلبية العدوانية. فمن المعروف أن الوزير، المعروف سابقاً بوزارة الدفاع، كان ينتقد وسائل الإعلام بشكل مباشر، لكن يبدو أن استراتيجيته للسيطرة على الصحافة تكمن في السيطرة على مبنى البنتاغون نفسه.
وبدأ التغيير منذ فقدت 8 مؤسسات إخبارية عريقة مكاتبها في البنتاغون ونُقلت إلى مؤسسات أخرى، بما في ذلك وسائل إعلام مقربة من الرئيس دونالد ترامب. وتم تتويج هذه الضربة للصحافة بالطرد من قاعة الإحاطة وقطع خدمة الواي فاي عنها.
وعندما تقطع الوصول إلى المكاتب والقاعات وقاعة الاجتماعات فماذا بقي لك بعد ذلك؟ وماذا عن المبنى نفسه؟
لقد أعلن هيغسيث عن سياسة جديدة تهاجم حرية الصحافة وحق الأمريكيين في المعرفة. وللحفاظ على تصريح صحفي وإمكانية الوصول إلى البنتاغون، “يجب الحصول على موافقة مسؤول مخول بالنشر العام قبل نشر المعلومات، حتى لو كانت غير سرية”.
في الواقع يصعب وصف سياسة هيغسيث هذه؛ وقال النائب دون بيكون، الجمهوري عن نبراسكا، في هذا السياق بأن هذه السياسة “غبية لدرجة أنني أجد صعوبة في تصديق صحتها”.
ويمكن تلخيص سياسة هيغسيث الصحفية كالتالي: “سنقوم بتزويدكم بالمعلومات التي تحتاجون إلى معرفتها ومتى تحتاجون إلى معرفتها”، مما يقلب التعديل الأول رأساً على عقب.
لقد فوجئتُ بردود الفعل الهادئة نسبياً من قِبل كبرى وسائل الإعلام الأمريكية، حيث أعلن عدد منها عن استعدادها للتعاون مع جهات أخرى لإلغاء هذه السياسة. يا له من تصرف حضاري بحق.
لقد أكدت المحكمة العليا أنه لا يمكن منع المؤسسات الإخبارية من نشر معلومات تم الحصول عليها بشكل قانوني، حتى لو لم يكن من حقّ المصادر تزويدها بها.
لا يرغب المسؤولون في البنتاغون بمشاركة المعلومات مع الصحافة لمجرد أن المراسلين قريبون منهم. فقد يكون لدى المسؤولين الحكوميين مصالح شخصية أو أجندات شخصية، لكن بعضهم أيضاً يريد كشف الحقيقة، ولن تُغير أي وثائق من البنتاغون هذا.
وكان هيغسيث قد كتب على منصة X : الصحافة لا تُدير البنتاغون، بل الشعب هو الذي يديره. وبدوري أقول للوزير هيغسيث: أتفق معك، ولكن ماذا يريد الشعب؟
لقد أصر الأمريكيون منذ نشأة أمتنا على حرية الصحافة لمراقبة أصحاب السلطة، وخاصة في ظل حكومة مركزية قوية تتمتع بسلطة غير مسبوقة. ورسَخوا ذلك عام 1787، عندما رفضوا قبول دستور الولايات المتحدة الجديد دون وثيقة حقوق، بما في ذلك ضمان حرية الصحافة.
وأكد الأمريكيون ذلك في عام 1791، مع التصديق على التعديلات العشرة الأولى، وعلى رأسها حرية الصحافة، إلى جانب ضمانات حرية الدين والتعبير. ويرغب الأمريكيون دائماً في معرفة المزيد حول كيفية إدارة حكومتهم لا أن تحجب عنهم المعلومات.
يريد الأمريكيون فهم الاستراتيجية العسكرية التي قد تتطلب يوماً ما من أبنائهم وبناتهم الخدمة. كما يستحق دافعو الضرائب القلقون بشأن تزايد العجز أن يعرفوا ما يعنيه هيغسيث عندما وعد بـ “أول تريليون دولار في ميزانية وزارة الدفاع”.
وللأمريكيين الحق في معرفة ما إذا كانت قوتنا العسكرية تُستخدم بفعالية، وما إذا كانت أمتنا ستُحفظ في مأمن. ففي 21 سبتمبر سأل الصحفيون الرئيس ترامب عما إذا كان ينبغي على البنتاغون التحكم فيما ينشره الصحفيون. أجاب: “لا أعتقد ذلك. لا شيء يوقف الصحفيين”. والأمريكيون يعولون على ذلك.
المصدر: USA Today
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب