
وتشير التقديرات إلى أن قيمة الاقتصاد الإبداعي الرقمي عالميًا قد تصل إلى أكثر من 7.3 تريليون دولار (حوالي 27 تريليون درهم) بحلول عام 2030، مدعومًا بتوسع نطاق تبنّي أحدث الابتكارات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي والجيل الثالث للويب (ويب 3) والواقع الافتراضي.
وبحسب التوقعات، سيساهم الاقتصاد الإبداعي بحوالي 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول 2030، بمعدل نمو مركب يبلغ 4.3 بالمئة خلال الفترة من 2025 حتى 2034.
ويُقدَّر أن يوفّر القطاع 50 مليون وظيفة حول العالم، أي ما يعادل 6.2 بالمئة من إجمالي الوظائف العالمية، حيث تشغل النساء نحو نصف هذه الوظائف، فيما يشكل الشباب النسبة الأكبر من القوى العاملة مقارنة بأي قطاع آخر.
الإمارات.. نموذج رائد في الاستثمار بالاقتصاد الإبداعي
على المستوى العربي، تتبنى دولة الإمارات نهجًا استباقيًا في ترسيخ مكانة الاقتصاد الإبداعي ضمن روافد اقتصادها المستقبلي. فقد أطلقت عام 2021 الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية، التي تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع ليصل إلى 5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2031، وتعزيز مكانة الدولة كوجهة عالمية للمبدعين، بحسب البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتتضمن الاستراتيجية مجموعة من الأهداف الطموحة أبرزها:
- مضاعفة عدد المنشآت العاملة في الصناعات الثقافية والإبداعية.
- جذب المواهب والمبدعين لتأسيس وتطوير مشاريع مبتكرة داخل الدولة.
- توفير وظائف جديدة ورفع متوسط دخل العاملين في القطاع.
- زيادة إنفاق الأسر على المنتجات والخدمات الثقافية والإبداعية.
- توسيع حجم الصادرات من السلع والخدمات الإبداعية.
- 40 مبادرة لدعم الموهبة والإبداع
ولتحقيق هذه الأهداف، وضعت الاستراتيجية إطارًا شاملاً من خلال 40 مبادرة موزعة على ثلاثة محاور رئيسة:
- محور الموهوبين والمبدعين: رعاية الكفاءات وتوفير منصات لإبراز إبداعاتهم.
- محور المهنيين وبيئة الأعمال: تطوير البنية التحتية والأنظمة الداعمة للاستثمار.
- ممكنات بيئة الأعمال: تعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص والمؤسسات التعليمية ومؤسسات النفع العام.
من خلال هذه الجهود، تواصل الإمارات ترسيخ مكانتها كمنصة عالمية للإبداع، حيث لا يقتصر دور الاستراتيجية على دعم الصناعات الثقافية والإبداعية فحسب، بل يسهم أيضًا في تحقيق التنمية المستدامة، وضمان بيئة حاضنة للمواهب والخبرات العالمية، تعزز من إنتاج المحتوى الإبداعي بجودة عالية واستدامة طويلة الأمد.
الصناعات الإبداعية في العالم العربي: من التعبير الثقافي إلى التحول الاقتصادي
في ظل التحولات العالمية المتسارعة، تبرز الصناعات الإبداعية في العالم العربي كقوة ناعمة ورافعة اقتصادية واعدة، تجمع بين الهوية الثقافية والابتكار الرقمي.
وخلال افتتاح أعمال “كونغرس العربية والصناعات الإبداعية” في أبوظبي الأحد الماضي، أعلن مركز أبوظبي للغة العربية عن إطلاق مبادرة لإنشاء مكتبة عربية رقمية شاملة، بالشراكة مع “أمازون العالمية”، في خطوة تهدف إلى تعزيز حضور المحتوى العربي في الفضاء الرقمي.
وبهذا الصدد، أكد محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي قائلا: “نجتمع اليوم في هذا الحدث الذي يجسد أصالة حضارتنا وهويتنا التي نمثلها ويضع الابتكارات والمبدعين العرب في عيون العالم، وفي السنوات الأخيرة زاد اهتمام العالم بالتنوع الثقافي وهذا التحول يفتح أمام الإبداع العربي فرصة ليأخذ مكان أكبر عالميا”.
وأضاف: “وضعت أبوظبي رؤية عالية طامحة لتكون مركز عربي وعالمي يدعم هذا التحول .. اليوم ومن على منصة هذا الكونغرس يسرني أن أعلن عن شراكة استراتيجية مع أمازون لإنشاء أكبر مكتبة رقمية للمحتوى العربي في العالم يقودها مركز أبوظبي للغة العربية”.
وقال المبارك إن هذه الشراكة تشكل محطة متقدّمة في مهمتنا للاحتفاء بروائع الأدب العربي ودعم لغتنا العربية وتعزيز هويتنا الوطنية من خلال الدور المؤثر الذي تؤدّيه منصات أمازون العالمية بالتوازي مع الخبرات والكفاءات التخصصية التي توفرها دائرة الثقافة والسياحة.
وأضاف: نحن نخلق بوابة رائدة للقراء في كل مكان لتجربة عمق وتنوع اللغة والمحتوى العربي إنها خطوة محورية نحو تضمين الثقافة العربية والإبداع في الحوار الثقافي العالمي، مما يضمن استمرارها في الازدهار لأجيال قادمة.
من جهته، أكد الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، أن اللغة العربية ليست فقط لغة الشعر والفلسفة والعلم، بل أيضًا لغة الابتكار والخيال، مشيرًا إلى أن الكونغرس يأتي لتعزيز الاهتمام بالإبداع العربي وصونه، واستكشاف فرص استثماره عبر أدوات التقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي.
ويهدف الكونغرس إلى ترسيخ مكانة الصناعات الإبداعية كقطاع حيوي في التنمية الاقتصادية والثقافية، عبر جلسات حوارية وورش عمل متخصصة في مجالات النشر الرقمي، كتابة السيناريو، إنتاج الكتب الصوتية، وصناعة الألعاب، بمشاركة نخبة من المبدعين وصناع القرار من العالم العربي والعالم.
بهذه المبادرات، تؤكد العاصمة الإماراتية أبوظبي مكانتها كمركز عالمي للابتكار الثقافي، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الصناعات الإبداعية العربية لتكون جزءًا فاعلًا في الاقتصاد المعرفي العالمي.